ɒσиᴊωαи {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}
المساهمات : 2595 العمر : 104
| موضوع: انتهى كلامه رحمه الله.. الأربعاء يونيو 23, 2010 4:43 pm | |
| انتهى كلامه رحمه الله.. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعليقا على هذه الآية الكريمة:
"من الآفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة أنعم الله بها عليه واختارها له، فيملها ويطلب الانتقال منها إلى ما يزعم لجهله أنه خير له منها، وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة، ويعذره بجهله وسوء اختياره لنفسه، حتى إذا ضاق ذرعًا بتلك النعمة وسخطها وتبرم بها واستحكم ملله لها سلبه الله إياها. فإذا انتقل إلى ما طلبه ورأى التفاوت بين ما كان فيه وما صار إليه، اشتد قلقه وندمه وطلب العودة إلى ما كان فيه، فإذا أراد الله بعبده خيرًا ورشدًا أشهده أن ما هو فيه نعمة من نعمة عليه ورضاه به وأوزعه شكره عليه، فإذا حدثته نفسه بالانتقال عنه استخار ربه استخارة جاهل بمصلحته عاجز عنها، مفوض إلى الله طالب منه حسن اختياره له.
وليس على العبد أضر من ملله لنعم الله، فإنه لا يراها نعمة ولا يشكره عليها ولا يفرح بها، بل يسخطها ويشكوها ويعدها مصيبة. هذا وهي من أعظم نعم الله عليه، فأكثر الناس أعداء نعم الله عليهم ولا يشعرون بفتح الله عليهم نعمة، وهم مجتهدون في دفعها وردها جهلا وظلمًا. فكم سعت إلى أحدهم من نعمة وهو ساعٍ في ردها بجهده، وكم وصلت إليه وهو ساعٍ في دفعها وزوالها بظلمه وجهله، قال تعالى: ﴿ذلك بأن الله لم يك مغيرًا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ [الأنفال: 53]، وقال تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ [الرعد: 11]، فليس للنعم أعدى من نفس العبد، فهو مع عدوه ظهير على نفسه، فعدوه يطرح النار في نعمة وهو ينفخ فيها، فهو الذي مكنه من طرح النار ثم أعانه بالنفخ، فإذا اشتد ضرامها استغاث من الحريق وكان غايته معاتبة الأقدار:
وعاجز الرأي مضياع لفرصته * * * حتى إذا فاته أمر عاتب القدرا
انتهى كلامه رحمه الله..
وجاء في تفسير السعدي:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ﴾ من النعمة والإحسان, ورغد العيش ﴿حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر, ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها, فيسلبهم الله إياها عند ذلك. وكذلك إذا غير العباد, ما بأنفسهم من المعصية, فانتقلوا إلى طاعة الله, غير الله عليهم, ما كانوا فيه من الشقاء, إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة.
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
س: ما تفسيـر قـول الحق تبارك وتعـالى في سـورة الرعـد: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
ج: الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر، ومن شر إلى خير ومن رخاء إلى شدة، ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا كانوا في صلاح واستقامة وغيروا غير الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب والقحط، والتفرق وغير هذا من أنواع العقوبات جزاء وفاقًا قال سبحانه: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ﴾.
وقد يمهلهم سبحانه ويملي لهم ويستدرجهم لعلهم يرجعون ثم يؤخذون على غرة كما قال سبحانه: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ يعني آيسون من كل خير، نعوذ بالله من عذاب الله ونقمته، وقد يؤجلون إلى يوم القيامة فيكون عذابهم أشد كما قال سبحانه: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ والمعنى أنهم يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد الموت، فيكون ذلك أعظم في العقوبة وأشد نقمة.
وقد يكونون في شر وبلاء ومعاصي ثم يتوبون إلى الله ويرجعون إليه ويندمون ويستقيمون على الطاعة فيغير الله ما بهم من بؤس وفرقة ومن شدة وفقر إلى رخاء ونعمة واجتماع كلمة وصلاح حال بأسباب أعمالهم الطيبة وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى وقد جاء في الآية الأخرى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ فهذه الآية تبين لنا أنهم إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير ثم غيروا بالمعاصي غير عليهم -ولا حول ولا قوة إلا بالله- وقد يمهلون كما تقدم والع* كذلك إذا كانوا في سوء ومعاص، أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا واستقاموا على طاعة الله غيَّر الله حالهم من الحالة السيئة إلى الحالة الحسنة، غير تفرقهم إلى اجتماع ووئام، وغير شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء، وغير حالهم من جدب وقحط وقلة مياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ونبات الأرض وغير ذلك من أنواع الخير .
| |
|