الدعاء على النفس والدعاء على الأولاد
وهذه الآفة أيضا ابتلي بها بعض من رجالنا ونسائنا، وهي: الدعاء على النفس والدعاء على الأولاد.
عندما يضيق الإنسان ذرعاً في هذه الحياة بمشاكل شتى، وبالذات نجد هذه على ألسنةالكثير من الأخوات حتىبعض الملتزمات منهن نسأل الله التوبة للجميع إن شاء الله رب العالمين، فتدعو على نفسها وتدعو على أولادها.
ألم يعلم هؤلاء وما سمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدعو على أنفسكم ولا تدعو على أولادكم ولا تدعو على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم " (1).
قال رب العباد سبحانه وتعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً)(الإسراء:11).
وفي حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً للموت، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي"(2).
يعني: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلاً يريد يعني أن يدعو بدعاء محدد فليقل: " اللهم أحييني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي".
والعجيب أننا إذا نظرنا إلى عالمنا العربي والإسلامي، وتنقلنا بين بلاده تجد أن كثيراً من الناس في بقاع الأرض العربية والإسلامية على ألسنتهم كلمات كثيرة من السب، ومن اللعن، ومن الدعاء بالقطيعة والخيبة، وأن الله يأخذه أخذ عزيز مقتدر، والعياذ بالله، وأن رب السماء يغضب عليه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكف ألسنتا عما يغضبه عز وجل، أو يكون وبالاً علينا، والعياذ بالله رب العالمين.
ولذلك المسلم وقاف يدعو بالخير إذا اغتاظ أو تضايق أو أزعجه أمر أو أحزنه، فليشك همه لله سبحانه وتعالى، فما الذي تكسبه الأم إذا دعت على ابن لها فاستجيب الدعاء؟
سوف تكسب حسرة وندامة وأساً وألماً، وربما مرضاً مقعداً، نتيجة أن ما تراه في ابنها عبارة عن استجابة الدعاء الذي كانت تدعو به.
والإنسان ليقل خيراً أو ليصمت، فمن ضمن آفات اللسان أن يدعو الإنسان على نفسه، فالأب عندما يغضب من كثرة الطلبات في البيت مثلاً، يدعو، والعياذ بالله، يقول: أسأل الله ألا أرجع إليكم، لماذا هذا؟
يا أخي، اسأل الله أن يكرمك من فضله، اسأل الله أن يشرح صدرك، اسأل الله أن يرزقك من كرمه، اسأل الله أن يرزقك من خزائنه، اسأل الله أن يقنع أهلك وأبناءك بالحياة وبالمعيشة، حتى وإن كانت المعيشة ضيقة الحال، أو كان الرزق قليلاً، فادعوا الله أن يبارك في هذا الرزق، لكن أن تدعو على نفسك ألا تعود إليهم! تدعو على نفسك أن يذهب هذا المال، تدعو على الولد أن يذهب ولا يعود أو على البنت.
لا، يعني ليس هذا من دين الله سبحانه تعالى، فلأنها ربما توافق ساعة استجابة فيضيع الولد وتزول الأموال وتخرب البيوت والضياع والمزارع والشركات، لماذا؟
لأن الإنسان لا يجب أبداً أن يدعو على نفسه، لماذا تدعو على نفسك أخ الإسلام ؟ لماذا تدعو على ولدك؟ لماذا تدعو على ضياع مالك؟ ادع الله سبحانه وتعالى أن يفهمك، ادع الله سبحانه وتعالى أن يعينك، ويبصرك.
هذا التابعي الذي قيل له إن فلاناً يؤذيك فادعوا عليه، قال: عجباً أما في قلبك رحمة! أتريد أن أجمع عليه ظلمه لي ودعائي عليه! انظر يعني حتى هذا العفو وهذا والقلب الفياض الجياش برحمة الله عز وجل، انظر ماذا يقول؟! يعني لا أريد أن أجمع عليه أنه ظلمني وهذا مدعاة للقصاص يوم القيامة ثم تريد أن أدعو أنا عليه ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. إذاً الإنسان يكون بهذا المنطق الإيماني ألا يدعو على أحد.
بدلاً من أن تدعو على الولد العاق بشيء، ادع له بالهداية، عسى رب العباد أن يهديه. البنت المتأبية المتمردة على أبيها وأمها بدلاً من أن تدعو عليها ادع لها، الولد الكسول عن المذاكرة لا تدعو عليه ادع له، الولد الذي لا يواظب على الصلاة، ولا يسمع نصيحتك ولا كلامك بدلاً من أن تدعو عليه ادع له.