عائلة تطاردها (النيران) أينما سكنت .. والفاعل الجن الآحمر
--------------------------------------------------------------------------------
عائلة تطاردها (النيران) أينما سكنت.. وتعلن تسجيل 100 حريق خلال 180 يوما بخسائر تجاوزت 300 ألف.. وإجماع على الفاعل:
الجن.. يريدون إحراقـنا!
أن يحدث لك مكروه ما فإنك حتما ستقول حينها “قضاء وقدر”، وان تكرر مرة أخرى وفي المكان نفسه فلا بد أن يدور في بالك “شك” عن السبب, وحدوثه في هذا الوقت والمكان بالذات؟ ولكن أن يحدث لك المكروه نفسه ويتكرر عشرات المرات فإنك سوف تقف وقتها حائرا متسائلا: ما الذي يدور من حولي؟ وما الذي يحصل؟ ومَن السبب في هذا؟ وما الذنب الذي اقترفته ليحصل كل هذا؟.
هذه أسئلة بلا إجابات تعاني فراغها عائلة مكونة من خمسة أشخاص"زوجة أرملة وابنتين وثلاثة أبناء” شردتهم الحرائق ومزقت وحدتهم وأحرقت نفسياتهم قبل أن تحرق أجسادهم وجميع مقتنياتهم.
حضر إليهم العديد من المشايخ والقراء فلم يجدوا سببا واحدا لما يحدث لهم, خسروا أموالا طائلة في سبيل الاستقرار والعيش بأمان, فأبت نيران الحرائق إلا أن تلاحقهم تحت أي سقف يسكنونه، وفوق أي أرض يسيرون عليها, تقطعت بهم السبل ولم يجدوا تفسيرا واحدا يكشف لهم أسرار هذه الحرائق التي تلاحقهم يوما بعد يوم.
موعد مع النار
قصة هذه العائلة ليست نسجا من الخيال، ولا قصة من قصص ألف ليلة وليلة، فهي قصة بطلها الرئيسي “النار” التي يخشى الناس اشتعالها في مساكنهم ومقار أعمالهم، وهي أصبحت صديقة لهذه العائلة، إذ لا يكاد يمر يوم أو يومان إلا وتشتعل فجأة في مجلسهم أو صالة جلوسهم أو ملابسهم وهم ينظرون جميعا لها بعين ملئها الحسرة والكآبة حتى انها أصبحت تطاردهم حتى في أحلامهم.
“شمس” ضربت موعدا للقاء العائلة بعد أن تتبعت أطراف القضية كاملة وبحثت عن مقر سكنها وتم بالفعل التنسيق للقاء في الجبيل، وعند انتظار وصولهم من إحدى المناطق القريبة من الجبيل لإكمال مشوار الكشف عن تفاصيل القضية وأسباب حدوثها, وعند تحديد موعد في المساء لإجراء اللقاء معهم جاء الخبر المفاجئ بأنه فور وصول العائلة إلى المقر في الجبيل نشب حريق جديد في “كنـب” إحدى صالات المنزل فقرروا بعدها الرجوع من حيث أتوا.
ولحقنا العائلة لنقف على مأساتها ومعاناتها المتواصلة، فتحدثت الأم عن قصص مرعبة مع هذه الحرائق، قائلة: ” أعيش مع أبنائي في رعب دائم وخوف مستمر، فكل لحظة تمر علينا في مقر سكننا في الجبيل بلا حريق تعد فرحا داخليا نعيشه، ولكن سرعان ما تتبدد هذه الفرحة وتنقلب إلى كارثة وحزن، فالنار أصبحت صديقة لنا ولا تكاد تفارقنا”.
وتتابع بأسى بالغ في صوتها للأسف، لم نجد إلى هذه اللحظة أي حل لقضيتنا، ولا يعقل أن نكمل حياتنا وسط هذه المخاوف وكل هذا التشرد”.
نار الفراش
أحد الأبناء “17عاما” يتناول طرف الحديث، ليواصل سرد المعاناة بقوله:
“يوما ما كنت نائما وإذا بالنار تشتعل فجأة ودون سبب في نهاية فراشي، فاستيقظت من شدة لهيبها، وقمت بإطفائها بدهسها برجلي فاحترقت بعدها رجلي وتم نقلي لأحد المستشفيات القريبة منا، وذات يوم اشتعلت النيران في إحدى غرف مسكننا فجأة بأحد المفارش التي نستخدمها للنوم واطفأناها جميعا وحين انطفأت أدخلت والدتي هذه البطانية في مغسلة البيت الكهربائية لغسلها وتنظيفها من الحريق وما نتج منه من آثار فكانت الصدمة الكبيرة لنا أن النار اشتعلت داخل هذه المغسلة وفي البطانية نفسها”.
ويضيف: في أحد الحرائق كدنا نفقد بعضنا بعضا، ولولا لطف الله ورحمته لكان الوضع انتهي بوفاة أحدنا إن لم يكن جميعنا، ومع هذا الوضع المستمر لم يعد بإمكاننا إحصاء عدد هذه النيران والحرائق في منازلنا أو جميع الشقق التي استأجرناها، فالعدد كبير ومخيف وأجزم أنها تعدت الـ 100حريق في أقل من ستة أشهر تقريبا، بعضها أطفأها وباشرها رجال الدفاع المدني وبعضها الآخر نحن من أطفأها, وقد تنقلنا وقتها بين العديد من المساكن والشقق المفروشة إلا أن النار لم تمهلنا وقتها، وخلال جميع تنقلاتنا لم نرتح سوى عشرين يوما كدنا وقتها ننسى فيها النيران، إلا أنها حضرت في اليوم التالي واشتعلت بلا سبب في أحد الكراسي بصالة الجلوس”.
ما السر؟
وتعود الأم لتواصل حكاية العذاب والنار، قائلة: حياتنا الآن صعبة وأصبحنا شبه مشردين فلا مقر آمنا يؤوينا أنا وجميع أفراد عائلتي، وبدأ اليأس يتغلغل في دواخلنا من العيش حياة آمنة ومستقرة أسوة بجميع العوائل المحيطة بنا”.
وعن الحلول التي سعوا اليها لوضع حد لهذه القضية، تقول: استعنا بالعديد من المشايخ والقراء وقرؤوا القرآن علينا جميعا، ولكنهم لم يلحظوا أي شيء، بل لم يتغير أي شيء فاستمرت المأساة والمعاناة بلا حل، وزادت معاناتنا من بعض أصحاب الشقق المفروشة المعروفة في الجبيل بعدم قبولنا كمستأجرين خوفا من نشوب حريق جديد يقضي على أثاث هذا السكن، فحالنا الآن لا نعلم إلى أين يسير؟ وإلى ماذا سينتهي بنا؟”.
وتستطرد الأم قائلة: تقدمنا بخطاب إلى محافظة الجبيل لإيجاد حل لنا ولما نعانيه، وتم تحويله إلى إمارة المنطقة الشرقية، وعن طريق الدفاع المدني تم توفير دعم مالي لنا بمبلغ عشرة آلاف ريال لا تغطي قيمة أحد الحرائق الذي اشتعل في شقتنا، ولذلك فإننا نطلب يد العون والمساعدة في حل قضيتنا بمعرفة السر وراء هذه الحرائق، فالحمد لله لم نعاد أحدا يوما ما ولا يوجد لنا ولو في “نظرنا نحن” أعداء قد نعتقد أنهم عملوا عملا لنا كالسحر مثلا أو أي شيء آخر, وأنا أطالب بتوفير مسكن لي ولعائلتي وإيوائنا في مدينة الجبيل الصناعية، وكلي أمل بولاة أمرنا الكرام أن يقدموا لنا مساعدتهم من جراء هذه القضية لنعيش حياة آمنة وليتمكن جميع أبنائي من إكمال دراستهم في مدارسهم التي تضرروا فيها بكثرة غيابهم عنها”.
خسائر 300 ألف
وبالنسبة للخسائر والتكاليف التي تسببت فيها الحرائق المتواصلة، يقول ابنها: المبالغ التي دفعناها في هذه الحرائق تعدت الـ300 ألف ريال، فكل يوم وعند كل حريق، نغير الأثاث من جديد، إضافة إلى تغيير مقر السكن بعد كل حريق يشب في شقتنا، حتى بتنا كالمشردين نلهث وراء الشقق المفروشة غير مستقرين ومتنقلين نطلب حياة كريمة مستقرة آمنة تحوينا جميعا كعائلة واحدة”. ويضيف: أنا وشقيقتي تأثرنا دراسيا بغيابنا عن مدارسنا بسبب هذه الحرائق، فالحال غير مطمئن، وبعد أن كنا من الأوائل في المدرسة تأخرنا بسبب هذه الحرائق التي نتمنى إيجاد حل لها”.
لا إيجار.. بسبب الحرائق
أحد أصحاب الشقق المفروشة من الذين أجّروا مسكنا لهذه العائلة، تحتفظ “شمس” باسمه، أكد أن خسائره كبيرة نتيجة هذه الحرائق، وقال: “بسبب هذه الحرائق لا أستطيع أن أؤجرهم مرة أخرى، فخسائري كبيرة نتيجة استمرارية وتعدد هذه الحرائق”.
القحطاني: أمر غامض لا نعرف أسبابه
أكد العميد يوسف القحطاني المتحدث الرسمي باسم شرطة المنطقة الشرقية صحة جميع الحرائق التي تعرضت لها العائلة، وقال: “بدورنا ومن خلال تحقيقاتنا في هذه الحرائق لم نكتشف أي سبب واضح لها جميعها إلى الآن، فالأمر محير وغامض ولا نزال نواصل تحقيقاتنا في القضية”، وأضاف: “لا نستطيع ذكر أي سبب واضح لهذه الحرائق إطلاقا”.
أبو حبل: هناك تسلط من الجن بالإيذاء
قال الشيخ تركي أبو حبل أحد المشايخ الذين أشرفوا على علاج هذه العائلة بالرقية الشرعية: “ليس هناك أي شيء واضح نستطيع أن نراه أو نلحظه في هذه العائلة، ونحن نقوم بالقراءة فقط، وليس كما يفعل بعض السحرة والدجالين، ومن خلال قراءتي عليهم اتضح أن هناك شيئا ما، وأن هناك أمرا غير طبيعي في هذه العائلة، ويحتاجون إلى متابعة دقيقة وتامة للقراءة عليهم”.
وعن ملاحظاته على هذه العائلة عند البدء في القراءة، قال: “ألاحظ على الأم التعب عند بدء القراءة، وتفسير هذا إما أن هناك تسلطا من الجن بالإيذاء، أو أن هناك سحرا لهذه العائلة، ولا يستطيع أحد أن يثبت هذا أو ذاك”.
وعن الحلول، قال أبو حبل: “المتابعة في القراءة والاستمرار بذكر الله والتحريج على الشيطان “الجن” بهذه الصيغة: “أحرج عليكم بالله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، أن تخرجوا من هذا المكان ولا تؤذوا أهل هذا البيت، وإلا آذيناكم بكتاب الله”.
الدوسري: أطفأنا 6 حرائق للعائلة
ولأن “الدفاع المدني” كان أكثر من باشر هذه الحرائق وتابعها حتى أصبحت العائلة معروفة لأفراده، تحدث المقدم منصور الدوسري الناطق الإعلامي للمديرية العامة للدفاع المدني بالمنطقة الشرقية، مؤكدا أن العائلة تعرضت للعديد من الحرائق وفي أماكن مختلفة من مقر سكنهم في الجبيل، وقال: “باشرنا ستة حوادث حريق طيلة الشهور الماضية لهذه العائلة، وفي مناطق مختلفة في الجبيل البلد، والجبيل الصناعية، مع العلم أن هذه العائلة أخبرتنا بوجود العديد من الحرائق التي حدثت لهم، قاموا بإطفائها لوحدهم”.
وأضاف الدوسري: “كنا نجد هذه الحرائق في أكثر من جهة في مقر السكن، ولم تكن متصلة، كما أننا بحثنا ومن خلال التحقيقات عن أسباب لهذه الحرائق من خلال تخصصنا فلم نجد سببا واحدا أدى لاشتعالها، وبالتالي انتفاء عرضية الحادث، ولهذا السبب سلمنا ملف القضية لشرطة الجبيل لإكمال التحقيقات فيه”.